الطريق الهادئ
كيف كانت صيفيتكم؟ أخذت استراحة من النشرة في الشهرين السابقين وكان الهدف أن يكون لدي وقت كافٍ وفترة إجازة للكتابة والتركيز على مشروع خيري.
مصدر كلمة إجازة في معجم اللسان العربي هي “أجازَ” وتعني رخصة أو إذن ترخيص. لماذا نشعر أننا لا نستطيع أن نوقف عملاً مهما كان مضمونه وأننا نحتاج للإذن أو التبرير إذا لم نقم بعمل أي شيء؟
ماذا عملت في متابعاتي الأدبية والخيرية أثناء الصيف؟ قرأت الكثير وأخيراً استطعت أن أتمّم كتاب كنت أبدأه وأتوقف وأعود ثانية. اشتريت المزيد من الكتب التي كانت على القائمة. صممت للأشهر القادمة نشراتي الشهرية
أودّ أن أخبركم عن موضوعين: الأول هو تأسيس مؤسسة لتنمية القراءة في العالم العربي اسمها مؤسسة أقرأ (المزيد من الأخبار حولها في قادم الأشهر) والانتهاء من نظم كتاب شعر كنت عملت عليه ٦ سنوات ونيّف. لقد جرت تحوّلات وتحوّرات عديدة في هذه السنوات وعبرتُ به بلغتين قبل أن قررته باللغة العربية فقط. أعلم عن العديد من الكتاب والشعراء الذين أمضوا سنوات على كتاب واحد، ولم أكن أتصوّر أن أكون واحدة منهم. فهكذا هي الحياة الأدبية. تُصبح الشخصيات بالكتاب هي التي تقود العمل وتعلن بنفسها انتهائه.
عشت مع مجموعة هذه القصائد كل هذه الأعوام كإنسان يتعايش مع أفراد عائلته. وحيث لدى كلّ عائلة يوجد التجاوب والاختلاف أيضاً. أحياناً كانت القصائد سلسة وأحياناً فيها من العناد الشيء الكثير يتحاورون معي ويعاركوني. لا يستسلموا قبل تكوين ما يرتضون به. أدركت في هذه التجربة الشعرية أنني لم أكن وحيدةً أنظم الشعر، ولكني كنت في رقصة وحديث مع كل شخصية برزت في القصائد.
في خضَم عملي الأدبي كنت بحاجة أن أذكّر نفسي العودة إلى الإحساس بجمال الكلمات ولطفها وهدوئها المصاحب لكتابة الشعر وبنفس الوقت أن لا أتخلى عن التوتر الخفيف والخفي الذي يتوجب وجوده ليُبرز فكرة شعرية معيّنة. وبهذه الطريقة أمسكت هاتين القوتين المتعارضتين بين صفحات الكتاب. كتابة الشعر تجعل الحياة شاهداً بكل أفراحه وأتراحه.
سأترككم مع قصيدة غنّتها السيدة فيروز. سحرتنا بصوتها الملائكي ومع موهبة صدوحاتها كان هناك مفردات شعر بقلم سعيد عقل من قصيدة “خذني بعينيك” التي نفخت الحياة داخلها:
طالَتْ نَوَىً وَ بَكَى مِن شَـوْقِهِ الوَتَرُخُذنِي بِعَينَيكَ وَاغـرُبْ أيُّها القَمَرُلم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاًإلا الحَمَائِمُ، إلا الضَائِـعُ الزَّهَـرُلي فيكَ يا بَرَدَى عَهـدٌ أعِيـشُ بِهِعُمري، وَيَسـرِقُني مِن حُبّهِ العُمرُعَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخـريفِ بكىوصاحِباكَ عليهِ الريـحُ والمَطَـرُهنا التّرَاباتُ مِن طِيبٍ و مِن طَرَبٍوَأينَ في غَيرِ شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ؟شـآمُ أهلوكِ أحبابي، وَمَـوعِـدُناأواخِرُ الصَّيفِ ، آنَ الكَرْمُ يُعتَصَرُنُعَتِّـقُ النغَمَاتِ البيـضَ نَرشُـفُهايومَ الأمَاسِي ، فلا خَمرٌ ولا سَـهَرُقد غِبتُ عَنهمْ وما لي بالغيابِ يَـدٌأنا الجَنَاحُ الذي يَلهـو به السَّـفَرُيا طيِّبَ القَلـبِ، يا قَلبي تُحَـمِّلُنيهَمَّ الأحِبَّةِ إنْ غَابوا وإنْ حَضِرواشَـآمُ يا ابنةَ ماضٍ حاضِـرٍ أبداًكأنّكِ السَّـيفُ مجدَ القولِ يَخْتَصِرُحَمَلـتِ دُنيا عـلى كفَّيكِ فالتَفَتَتْإليكِ دُنيا ، وأغضَـى دُونَك القَدَرُ
سعيد عقل
ربى ابوغيدا
شكرا لكم على الاشتراك في رسالتي الإخبارية. إذا كنتم قد استمتعتم بقراءتها، أرحب بكم لمشاركتها مع أي شخص قد يرغب الانضمام إلينا.
اضغط هنا لقراءة الرسائل السابقة
اضغط هنا لسيرتي الذاتية.