الشعر كعمل مقاوم
أصدقاء وصديقات،
يصادف اليوم عيد ميلاد فدوى طوقان. شاعرة فلسطينية ولدت في نابلس في ١ آذار ١٩١٧ وتوفيت في سنة ٢٠٠٣. يكون عمرها اليوم ١٠٦ أعوام لو بقيت على قيد الحياة. اشتهرت بكونها شاعرة مقاومة، وحصلت على اللقب الجميل “شاعرة فلسطين“.
تأثرت فدوى بشكل كبير بشقيقها إبراهيم الذي أصر أن تكمل دراستها وكان له دور فعّال في تدريسها نظم الشعر. دعمه أتى بالثمار المرجوّة: درست فدوى الأدب الإنجليزي في جامعة أكسفورد وكان قلمها متدفقاً وغزيراً، فازت بالعديد من الجوائز الأدبية وترجمت أعمالها إلى لغات عديدة. نشرت لها أول مجموعة شعرية عام ١٩٤٢ بعنوان “أخي إبراهيم“.
كانت فدوى شجاعة وجريئة. كتبت سيرتها الذاتية من مجلدين عن حياتها الشخصية والمناخ الاجتماعي والسياسي في نابلس. نشأت في أسرة فلسطينية عريقة وكان لديها خمسة أشقاء وشقيقتان. قاومت تلك الأشياء التي لم تساعدها في مسارها للعلم والتنوير الفلسفي ناسجة روح مواضيع الظلم والفقدان للأرض في كتاباتها.
هناك حقيقة أن فكرة الشعر هو عمل مقاومة. لكن المقاومة تأتي أيضاً في أشكال عديدة. يمكن أن تنبع نتيجة علاقة معقدة مع الأسرة، المجتمع والمشهد السياسي. كانت فدوى تقاوم بالتأكيد الإحتلال سواء في نشاطاتها السياسية أو في شعرها.
من أجل الوصول إلى مكان العمل الفعّال، كان عليها أن تلمس ذلك المدى الذي لا يأتي إلا من خلال التأمل الصامت. ومن خلال الولوج إلى هذا المجال، كانت ستتمكن من العطاء بطريقة أوسع وسخيّ غزير بدلاً من أن يكون استنزافياً ودفاعياً.
مع كل الاضطرابات التي حدثت حولها شخصيًا وعلى المستوى السياسي، أحب أن أتخيلها مستخدمة عزلتها الشعرية كوسيلة لتعميق معرفتها الذاتية قبل المقاومة. وهكذا تكون قد استطاعت أن تشكل عالماً غنياً وفنيًا على الرغم من الارتدادات التي كانت حولها.
كانت فدوى منخرطة بعمق في قرض الشعر. يمكن لكل واحد منا الانخراط في كل ما يحركنا. كيف سيبدو لكم ذلك؟ ما مدى سهولة العثور على هذا المكان الشاسع تحت مد وجزر حياتنا اليومية؟
هناك يختفي الشعور بالحصار أو السجن من قبل عالمنا المادي المباشر. غالبًا ينادينا في الهمسات والطرْق الخفيف في البداية قبل أن يصبح أعلى وأكثر إلحاحًا كلما أهملناه.
لم يكن هناك ما هو أجمل لشاعرة فلسطين من الموسيقى بالشعر أو أبدع من القوافي التي تتقاطع مع الشعر الحر.
هذا مقتطف من قصيدتها “إلى الوجه الذي ضاع في التيه“. حبذّا لو نتشارك بسماع الإيقاع.
وحياتي تستمرُّ
وتلفُّ الريح أيامي على الدرب العصي
مع شعبي، ويلاقينا على حافاتِهِ –
صخرٌ وأشواكٌ وصَلْبُ
وحياتي مع شعبي تستمرُّ
ووراء النهر غابات الرماحِ السمرِ –
تهتز وتربو
وهدير العاصفة
يكشف اللغز ويعطي العالمَ التنّينَ –
سرَّ الكلمات
وهبوبٌ ودويْ
ولهيبٌ وشرر
يلفح السّارين في الدرب العصىْ
والأضاحي زُمرٌ إثر زُمرْ
في عناقٍ واحدٍ تهوي وموت أخويّ
ويظل الليل – ما طال – يلد
أنجماً تقفو خطاها في الدروبِ –
السود أنجم
وبلادي كوز رمّانٍ يفور الدمُ –
فيه ويغمغم
وحياتي تستمرُّ
وحياتي تستمرُّ
وحياتي تستمرْ
وحياتي تستمرُّ
وحياتي تستمرْ
إذا كنتم قد استمتعتم بقراءتها، أرحب بكم لمشاركتها مع أي شخص قد يرغب الانضمام إلينا.