حس الحضور

أصدقاء وصديقات،

أتمنى أن يكون عام ٢٠٢٣ قد بدأ معكم بلطف.

طريقة واحدة لبداية الشهر الثاني من العام هو طرح سؤال حول البقاء في اللحظة الحاضرة. هل هذا شيء تطمحون تجربته؟ نعلم جميعًا الشعور كيف أننا منغمسون في شيء نقوم به لدرجة أن مفهوم الوقت يفقد معناه ونعيش في لحظة واحدة شاملة.

هذا الشهر سأستعين بشعراء وشاعرات الجاهلية من القرن السادس للعودة إلى الحاضر، حتى ولو لبضع دقائق.

كان العرب يقدرون الشعر لدرجة أن مجموعة من القصائد كتبت بالذهب وعلقت على الكعبة في مكة. تعرفون الشاعر العربي امرؤ القيس الذي ستقرؤون قصيدته أدناه، مؤلفًا لإحدى القصائد السبع من المعلقات.

المعلقات سحرية ويمكننا قضاء وقت طويل في دراستهم. كما كانوا معلقين في الكعبة، فإنهم يعلقون في أذهاننا، مما يوفر لنا علاقة نابضة مع العالم الداخلي والخارجي، وكل ذلك من خلال اللغة المجازية: سماء الليل مثل الأمواج، والمرأة الجميلة مثل فانوس لامع ينير الطريق، عضلات الحصان كوحوش مكبله، الدم كالحناء والبرق كذراع يمتد في الضباب. تنقلنا القصائد بين عالم موجود وآخر يمكن أن يكون، عالم من الواقع وثان من الخيال، حتى يصبح كلاهما عالمًا واحدًا ووجودًا واحدًا.

من خلالهم، نفهم تاريخ الشاعر الفردي والجماعي، وبالتالي يمكننا إيجاد طرق لفهم تاريخنا. يدعون للتأمل عن الحياة في اللحظة التي تهرب منّا وتصبح جزءًا من الماضي. وكذلك للاستماع إلى نبضات قلب عالم في حركة مستمرة وفي اللحظة الحالية الآنية. الشعر لا يغير الواقع لكن من الممكن أن يعلمنا ماذا نستطيع أن نغير في حياتنا. هذا الانتباه جائز أن يكون بداية الحرية.

لغة الشعر هي لغة الحاضر وما رحل في نفس الوقت. إنها لغة الصدفة والمفاجأة ولغة الحميمية والفضول.

هل هذه هي الطريقة التي تنظرون بها إلى الحياة؟ ربما من خلال الإقامة في فضاء الشعر الجاهلي، يمكننا أن نظل صادقين مع أنفسنا ونتماشى مع دروب الكون.

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ

                                                  بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها

                                              لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا

                                             وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا

                                            لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ

                                           يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ 

في أخبار أخرى، إذا وددتم حضور مهرجان الامارات للآداب هذا الشهر، فاطلعوا على نسخة من ترجمتي الإنجليزية لكتاب الأطفال لمصطفى سلامة: مغامرات ايفرست: تحقيق الحلم (جبل عمان ناشرون).